سيدنا لوط في الأصل كان من نفس قرية سيدنا إبراهيم عليه السلام. وكان قريب سيدنا إبراهيم [كان ابن أخو إبراهيم عليه السلام] ولما نزلت الرسالة على سيدنا إبراهيم وبدأ يدعو قومه كان سيدنا لوط من أول الناس الذي آمنت بـ عمه إبراهيم [أغلب الظن إنه الوحيد هو وساره الي آمنوا برسالة إبراهيم في القرية دي ].. (فآمن له لوط) .. [آية 26 : سورة العنكبوت]
وبعد ذلك هاجروا إلي بلد قومهم وذهبوا إلي أرض الشام.
سيدنا لوط ساب عمه وإتجه لقرية إسمها ( سدوم / في فلسطين ) وفي ذلك الوقت ربنا أنزل عليه النبوة فـ أصبح مُكلّف بدعوة قوم آخرين هم أهل سدوم والقرى الي بجانبها[ يُقال إنهم كانوا 7 قرى]
وكان هؤلاء الناس بيعملوا كل حاجة غلط
_بيقطعوا الطريق ويخونوا الصديق ويوصّوا بعض بالإثم , كان الي بيؤمرهم بالمعروف أو ينهاهم عن المنكر يبقى هو الي غلط ومايسلمش من أذيتهم.
الأبشع من كل ذلك المعاصي الي كانوا بيعملوها إنهم زوّدوا عليها كبيرة من الكبائر محدش قام بها قبلهم (أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين) .. [ آية 80 : سورة الأعراف ].
إستبدلوا الإناث بالذكور .. فـ بقت شهوة الراجل للراجل الي زيه أكبر بكتير من شهوته لأي ست (أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر) .. [آية 29 :سورة العنكبوت ]
بقت الرجالة في القرية دي هم الأهداف المرغوبة , وأي حد سَوي ونقي وطاهر يبقى في وجهة نظرهم مجرم يستاهل الطرد والعقوبة (أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون ) .. [آية 82 : سورة الأعراف ].
حتى أي شخص يمر بالصدفة من مدينتهم [ مسافر أو غريب أو ضيف ] مايسلمش منهم .. مايسبهوش في حاله
كانوا مرضى ورافضين يتعالجوا .. كانوا بيجاهروا بالمعصية ويعملوها في كل مكان حتى في الطرقات والنوادي .. [النادي هو المكان الي بيجتمعوا فيه بالنهار يتناقشوا ويتشاوروا ويتكلموا .. أما لو كان الإجتماع بالليل فيبقى إسمه سامر مش نادي]
(أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون) ..[آية 54 : سورة النمل].
يقولوا لسيدنا لوط إستضف انت النساء عندك وسيبلنا الرجالة!
قلب سيدنا لوط كان بينفطر من الحزن بسبب تصرفاتهم .. هو رسول مبعوث ليهم بالهدى , لكن أي هدى للناس دي .
فـ كان الحال إن محدش آمن بدعوته غير أهل بيته .. ومش كل أهل بيته كمان .. لإن زوجة سيدنا لوط كفرت وكتمت كفرها .. أظهرت الإيمان لكن من جواها كانت كافرة ومش مقتنعة بدين سيدنا لوط.. [زوجته دي كانت من أهل سدوم أصلا .. إتجوزها بعد ما إستقر في سدوم .. ساعتها كانت زوجته الأولى أم بناته إتوفت].
قوم سيدنا لوط مش بس كفروا بـ رسالته دول زوّدوا في أفعالهم وكبائرهم .. وبقوا يهددوا سيدنا لوط , يا يسكت عن دعوتهم ويبطّل يكلمهم عن الطهارة والقيم والأخلاق والفضائل ويدعوهم لله الواحد , يا هيعاقبوه ويطردوه هو وأهله من البلد .. (قالوا لئن لم تنته يا لوط لتكونن من المُخرَجين( .. [ آية 167 : سورة الشعراء ].
كان رد سيدنا لوط عليهم رد ثابت مش خايف ولا متردد .. صمم على موقفه وأعلنها صراحةً إنه ضد الي بيعملوه وهيفضل ضده (قال إني لعملكم من القالين) .. [ آية 168 : سورة الشعراء ]
وبعدها لجأ لـ ربه بالدعاء .. قاله يارب نجيني من الي بيعملوه (رب نجني وأهلي مما يعملون ) .. [ آية 169 : سورة الشعراء ].
لكن هم فضلوا في اللي هما فيه .. وزادوا فيه أكتر وأكتر , وصل بيهم الحال انهم مش شايفين غير شهوتهم وبس .. مش قادرين يفوقوا ومش عايزين يفوقوا.
آخرة إيه الي بيتكلم عنها النبي ..كان همهم الوحيد الدنيا وبس ..
قالوله (ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) .. [ آية 29 : سورة العنكبوت ] فـ حق عليهم العذاب .. وإستجاب الله دعوة نبيه
ربنا بعت ملائكة العذاب لقوم لوط .. راحت الملائكة دي الأول لـ سيدنا إبراهيم وبشرّوه بـ ابنه إسحاق .. وقالوله إن ربنا باعتنا لـ قرية ظالمة هي قرية سدوم , هنعذب أهلها ونخليهم عبرة .. سيدنا إبراهيم في عز فرحته بالبُشرى العظيمة الي بشرّوهاله إلا إن رحمته كانت أكبر من فرحته .. فـ فوراً فكر في سيدنا لوط .. حاول يجادل الملائكة , قالهم بس سدوم دي فيها لوط .. قالوله ربنا أعلم باللي فيها وهو سبحانه وتعالي أخبرنا بمن فيها , وهينجّي لوط وأهله .. وماتجادلناش في أمر الله لإنه قضاه ومكتوب فلآزم يتنفذ ..
المقصود ببناتي هنا هو نساء القوم بشكل عام [ لإن النبي بيبقى بالنسبة لـ قومه في مقام الوالد] , فـ هو حب يبعدهم عن الفاحشة بـ توجيههم للإناث الي مخلوقين ومُهيئين ليهم في الحلال .. حَب يقنعهم بالفطرة
وبعدها حاول يفكّرهم بربنا و يصحّي فيهم التقوى (فَاتَّقُواْ اللّهَ)
وفي محاولة يائسة منه للمس النخوة جواهم قالهم (وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي) .. [آية 78 : سورة هود ]
ومعناها لا تُلحقوا بي العار والذل بإنكم تئذوا ضيوفي وتجبروهم على عمل الفاحشة
لكن لا حياة لمن تنادي .. غلبت عليهم شهوتهم وسيطرت عليهم أهوائهم .. فأصرّوا على طلبهم (قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد ) .. [ آية 79 : سورة هود ]
إزداد حزن سيدنا لوط , حس إنه لوحده , راجل غريب جاي من بعيد من غير عشيرة تحميه ولا أولاد ذكور يتسند عليهم وينصروه
قفل الباب ورجع لضيوفه .. كان الضيوف هادئين جداً مش باين عليهم أي خوف أو اضطراب
فإندهش سيدنا لوط من رد فعلهم رغم كل الي سمعوه!
إبتدا القوم يخبطوا جامد على الباب
سيدنا لوط في عز الضيق قال ياريت كان عندي عشيرة وقوة تخليني أحمي ضيوفي منهم , أو مكان ينفع أحتمي بيه منهم انا وضيوفي (قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ) .. [ آية 80 : سورة هود]
سيدنا لوط كان عارف إنه تحت حماية الله الي أشد من أي ركن وأقوى من أي قوة .. لكن المقصود كان رغبته في أي حاجة فورية تمنع الناس دي من إيذاء الضيوف
ومن رحمة ربنا ومن صدق نية سيدنا لوط , ربنا إستجاب فعلا لطلبه قبل حتى مايطلبه .. فـ بعتله الحماية الفورية والقوة الجبارة قبل ما يتمناها ..
[ حبيبنا النبي لما كان بيقرأ الآية دي كان بيقول ” رحمة الله على لوط لقد كان يأوي إلى ركن شديد ” ..]
لما الضيق بلغ ذروته واشتد بـ لوط كربه وقال كلمته
إتحركت الملايكة وقامت , قالوله ماتخافش يا لوط , إنت تحت حماية ركن ربك الشديد .. إحنا ملائكة وربنا بعتنا هنا عشان ننجيّك .. (وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ ) [ آية 33 : سورة العنكبوت ] ..
وننفذ العذاب على قومك ..(قالوا إنا مهلكو أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين) .. [ آية 31 : سورة العنكبوت ]
أشار جبريل بـ إصبعه [ أو يُقال بـ جناحه] .. فإتعمى الناس من ورا الباب .. (وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ) .. [ آية 37 : سورة القمر]
إلتفتت باقي الملايكة لسيدنا لوط وقالوله خد أهلك وأخرج من البلد فوراً
ومحدش فيكم يلتفت ولا يبص ورا أبداً
هتسمعوا أصوات تهتز من فظاعتها الجبال , لكن إوعوا تلتفتوا والي هيلف وشه ناحية القرية بعد ماتطلعوا منها هيصيبه من العذاب زي الي هيصيبهم
تخيل مدى العذاب! .. عذاب بيصيب الشخص بمجرد النظر إليه!
ساعتها الملايكة بلّغت سيدنا لوط إن زوجته كافرة .. هي صحيح هتخرج معاه هو وأهله , لكنها كفرت وكانت من الغابرين , فـ هتلف وشها وهيصيبها زي الي هيصيبهم وبكده يتحقق العدل في إنها ماتهربش من العذاب رغم الكفر ..
(فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين) .. [آية 83 : سورة الأعراف] ..
الغابرين معناها الهالكين ..
[وفي تفسير تاني بيقول إنها ماخرجتش معاهم اصلا , يُذكر إن سيدنا لوط بعد ماعرف إنها من الهالكين ما قالهاش إنه هيخرج .. والسبب إنه جاله الأمر الربّاني في الآية (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ) هنا فسرها بعض العلماء إن المقصود باللإستثناء هو إستثناء امرأتك من “فأسْرِ بأهلك” .. فـ بعد مراعاة قواعد اللغة والبلاغة والمُقدم والمؤخر .. هتبقى الجملة ” فأسر بأهلك إلا امرأتك”
بمعنى إن ربنا أمره ياخد أهله كلهم إلا زوجته
وفي الحالة دي بيفسروا كلمة “الغابرين” بـ الباقيين للهلاك .. يعني الي قعدوا في البلد ووقع عليهم العذاب .. فتكون هي من الغابرين الي ماخرجوش من البلد وفضلوا فيها وأصابهم العذاب]
سيدنا لوط سألهم هو العذاب هيحصل دلوقتي ؟! [ و في تفسير القرطبي وابن كثير مذكور انه سيدنا لوط إستعجل العذاب لقومه .. فالملائكة ردت عليه بإن معاد العذاب ربنا كتبه وحدده في صباح اليوم التالي , وصبّروه بإن الصباح مش بعيد]
[ لكن حتى تأخير العذاب ده كان فيه حكمة .. الظاهر إن دي كانت مهلة لسيدنا لوط مش لقومه .. مهلة للنبي هو وأهله عشان يبعدوا قدر المستطاع عن القرية قبل مايتحققفيها العذاب]
فعلا فوراً وفي ظلمة الليل خرج هو وبناته[ وقد تكون زوجته خرجت معاهم ] , إبتدوا يمشوا لحد ما الصبح قرّب ..