Home مقالات إبليس – الجزء…
خالد عبد الصمد
بمتـــابعــتي لـــروايــة المـــلاك الســـــاقط للكاتــــــب محـــيي الـدين محمـــود حــافــظ وجدتنــــي فـي حــاجـة الـي المـــزيد مـن التـــدبر والتــــأمل لكتــــاب الله الكـــريم ولكثــــير مـن القـــراءات عــن الأســــرائيليـــات فالــــرواية مليئـــــة بالأحـــداث وتنتقـــــل مـن حـــدث لآخـــــر وفـي طيــــات كـــل حـــدث الكثـــير والكـــثير مـن الأســــرار والأحـــداث مـع الأخــــذ فــي الأعتبــــار قــول الله تبـــارك وتعـــالي ” مَّا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا. ســورة الكهـــف 51″.
وكذلــــك قـــول الرســـول الكــريم صـــلي الله عليــه وســــلم “لا تُصَدِّقوا أهلَ الكتابِ ، ولا تُكَذِّبوهم و (قُولُوا آمَنَّا باللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا). الـــراوي أبــو هـــريــرة – المحــــدث الألبــــاني – المصــــدر صـــحيح الجـــــامع – خلاصــــة حكـــــم المحـــدث صــــحيح.
أنــــزَلَ اللهُ سُــــبحانَه وتعــــالَى القُـــرآنَ الكــريــم حاكِمًـــا عــلى مـا ســــبَقَه مِـن كُتــبٍ وشَـــــرائعَ. فشَــــريعتُه وأحْكــــامُه قاضيـــةٌ عـــلى كـــلِّ مــا ســــبَقَه مِــن شَـــــــرائعَ. أصـــحاب الأهــــواء حـــرفـوا وأضــــافوا وحـــذفـــوا ويتضـــح ذلـــك فــي قــول الله تبـــارك وتعـــالي ” فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۖ فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ. ســورة البقـــرة 79″. لـذلــــك حــــذِّرَ الــنَّبيُّ صـــلَّى اللهُ عليـــه وســــلَّمَ الأمـــة مِــن الأغْــــتِرارِ بمــا يَـــرْويــه أهـــلُ الكِتــــــابِ. فـــلا يُعــــرَفُ صِــــدقُه مِــن كَــــذِبِـه وذلـــك لأنَّ اللهَ تعــــالَى أمَــرَنـا أنْ نؤمِـــنَ بمــا أنـــزَلَ إلينـــا مــنَ القُــــرآنِ ومــا أنـــزَلَ إليـــهم مِـن الكِتـــــابِ فـــلا سَــــبيلَ لنـــا أنْ نَعــــلَمَ صَـــحيحَ مـا يَحْكــــونَه عــن تلــك الكتُـــبِ مِـن سَـــــقيمِه إذا لـــم يَـــرِدْ فــي شَـــــريعَتِنا مـا يوَضِّـــحُ صِــــدْقَه مِــن كَــــــذِبِه عـــندهـا نتوقـــــف حــتي لا نشــــارك فـي التحـــريف. قــال الله تبــارك وتعـــالي”قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ. ســورة البقـــرة 136″ – “آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ. ســـورة البقـــرة 285”.
ســـــــوميـا – عــــزازيــــل – آدم والأنـــــــــا.
خــــلق الله كــــثير. خــــلق الله كــــله مســــير بـأمــر الله والمخــــير هــم الأنـــس والجـــــن “وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ. ســورة الذاريـــات 56”.
خـــلق الله جنــس الجـــن قبــــل خـــلق جنــس آدم بعشــــرات الآلآف مـن الســــنين وهــذا الـــزمـن لا يعلمــــه الا الله.
فللجـــــن نفـــس كمـــا للأنــس نفــــس. وأعلمنـــــا الله بالمكـــون المـــادي للجـــــن “وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ. ســـورة الرحمـــن 15 – وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ. ســــورة الحجــــر 27”.
يقــــال أن ســــــوميا أبــو الجـــــن وأنــه ســــئل الله فقــــال “أتمـــني أن نـــري ولا نــــري وأن نغيــــب فـي الثــــري وأن يصــــير كهلنـــــا شــــابا” وقيـــــل أن الله أعطــــي لســـوميا أمنيتـــــــه.
ســـــكن ســــوميا الأرض قـــبل خـــلق جنــس آدم وكــــان مـؤمــن بالله لكــــن بعــــد مـــوته كفــــرت أمــة الجــــن وأفســـــدوا فـي الأرض وتصـــارع قــوم الجـــن مـع بعضــــهم البعـــض وأهلكـــوا الصـــالحين منهـــــم.
فالجـــن قــال فيهـــم الله تبــارك وتعـــالي ” وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَٰلِكَ ۖ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا (11) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن نُّعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَبًا (12) وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَىٰ آمَنَّا بِهِ ۖ فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا (13)وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ ۖ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَٰئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا (14) وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا . ســـورة الجـــــن”.
أمـــر الله جنـــده مـن الملائكـــــــة تطهـــــير الأرض وأجتثــــاث الشـــــرور منهـــــا. فقتــــل الملائكـــــة منهـــم الكـــثير وفـــر الباقــــين الـي الكهـــوف والجبــــال والبحـــار والمحيطــــــات.
أســـــر الملائكــــــة مـن الجــــــن صــــبي “صــــغير الســـــن” وكــــان يــــدعي عــــزازيـــل “المـــلاك الســــاقط”.
وعـــــزازيــل هـــو أحـــد أســــماء الشــــيطان “أبليـــس” فــي الميثــــولوجيـــات الدينيـــــة.
صــــعد الملائكـــــة الـي الســـــماء الدنيــــا بعـــزازيــل وعلمـــوه كـــيف يســــبح الله ويعـــبده فعبـــــد الله عبــــادة الملائكــــــة فالملائكـــــة لا يعصـــون لله أمـــرا “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ. ســـورة التحـــريم 6”.
وأدرك الملائكـــــة عنـــدئذ أن عـــزازيــل مفضـــــل عليــــهم لكـــونه مخــــير وقــد أختــــار العبـــــادة أمــا هــم بمســــيرين لا أختيــــار لهـــم.
أغــــتر عـــزازيـــل بتفضــــيله وعــلم الله ذلـــــك وأن الأنـــــــا الخبيثـــــة بــدأت تتحـــرك فـي نفـــس عـــــزازيـــل “يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19) وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ ۖ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ ۗ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ. ســـورة غــــافر” أمــا الملائكـــــة لا تعـــلم الا مـا علمهـــم الله. أغتــــــر عـــزازيــــل كمـــا أغــــتر قـــارون مـن بنــي أســـــرائيـل حينمـــــا قـــال “قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي ۚ أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا ۚ وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ. ســـورة القصــص”.
وكــــان غـــرور عـــزازيـــل أوهمـــــه أن الله لا يعـــلم مـا تكنــــــه نفســـــه ولــم يكــــن يعــــلم أنـــه صــــاحب لقــــب أبليــــس الملعــــون والمطــــرود مـن رحمـــــة الله.
وهنــــــا أود أن أذكــــــر أنـــه ورد فـي الروايـــــات عــن الأســــرائيليــات أن عــــزازيـــل “أبليــــس” أطـــلع عــلي اللـــوح المحفــــــوظ وهــــذا أمـــر مشـــــكوك فيـــه ولا أســاس لـه مـن الصــــحة فعــــلم الله لا يطــــلع عليـــه أحــــد بـــل يهبـــــه لمــن يشـــاء مـن عبـــاده المخلصـــــين. فالله كــتب كتبــــــه بلغــــــة لا ندركهــــــا ولا نعيهـــــــا فمــــن المـــؤكــد أن عــلم الله لــه الشــــفرة الخاصــــــة بـه. أنــــا أوقــــن تمـــامـا أن كـــتب الله مشــــفرة لا يطـــلع عــلي علمـــه أحـــد الا بـأمـــرة وأن هـــذه الشــــفرة تشــــبة الـي حـــد مــا اللغـــــة الرقميــــــة ونســتشـــعر ذلــــك مـن قـــول الله تبـــارك وتعـــالي “فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ. ســـورة الـزلـزلة”.
الحســــاب بمثقــــال الــذرة وهــــذا يعـــني أن مــــيزان الحســــاب للفصــــــل ذري.
والله ســـبحانه وتعـــالي عــندما يحدثنــــــا عـن القـــــرآن الكـــريم “حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4) أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَن كُنتُمْ قَوْمًا مُّسْرِفِينَ. ســـورة الـزخـــرف”. والقـــرآن الكـــريم الكتــــاب المبيـــــن فـي أم الكتــــاب “إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ (78) لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79) تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ. ســـورة الواقعـــــة”. والجعــــــل هــو التحـــويل بالعظمـــــة والقـــــدرة فـــي (كـــــــن).
كمــــا يقــــال فـي الروايـــــات أن عـــــزازيـــل كـــان يتحــــرك بيـــن الســـــماوات الســـبع بحـــرية مطلقــــــة دون قيـــــود وهــــذا بالعقــــــل والمنطـــــق غــير مقبــــول وغـــير ممكـــــن. أنمــــا المـؤكـــد أن حركتـــــه كانــــت الســـماء الدنيــــــا فعــــلم الله الأذلــــي بعــــزازيــل مقـــــرون بعـــدم الســـماح لعــزازيــل بالتجــــول كيفمــــا يشــــاء لذلـــك لـم يعطيـــــه الســــلطان لأختــــراق أقطــــار الســـــموات بـلا ســــلطان مســــبق مـن الله. والملائكــــــة الـتي ظــــن عـــزازيــل أنـه تفــــوق عليــــهم هــم ملائكــــــة التكليـــــف (الكتبــــــه والحافظــــين) فقـــــد قـــال الله تبـــارك وتعــــالي “يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا ۚ لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (33) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (34) يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنتَصِرَانِ (35) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ. ســــةرة الرحمـــــن”.
والدليــــــل الآخــــر الـــوارد فـي الســــنة المطهــــرة عـن رحـــلة المعــــراج أن جــبريـل عليــه الســــلام والرســـول الكــريم عليـــه الصــلاة والســـلام كــانـوا يســـتفتحـون لفتــــح أبـــواب المـــرور بيـــن الســـــموات وبعضــــها البعــــض.
أكتفــــــي بهــــذا الجــــزء ونكمــــل فـي الأجـــزاء القــــادمـة أن شــــاء الله.
خــالــد عــبد الصـــــمد.